نظم المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي ندوة علمية في موضوع: “الذكاء الاصطناعي: رافعة لتحويل التربية والتكوين والبحث العلمي” يومي 12 و13 دجنبر 2023 بمشاركة عدد من الخبراء والمتخصصين الوطنيين والدوليين في هذا المجال.
افتتحت أشغال الندوة، بكلمة ألقاها السيد الحبيب المالكي رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، أبرز من خلالها التوجهات الكبرى لاشتغال المجلس في إطار تفعيل برنامج عمله، الذي يشكل موضوع الذكاء الاصطناعي جزءا منه؛ باعتباره رافعة لتطوير منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي وبناء المدرسة المغربية الجديدة، على أساس أن مخرجات هذه الندوة ستكون لبنة لتعميق النقاش في هذا الموضوع.
بعد ذلك، تدخل السيد عبد اللطيف الميراوي وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، بمداخلة ركز فيها على ما يوليه هذا القطاع من أهمية قصوى لإدماج الذكاء الاصطناعي في مجال التعليم، والفرص التي يتيحها على مستوى تعزيز الكفاءات، داعيا إلى التفكير في مستقبل المقاربات البيداغوجية، ومحتويات التدريس على ضوئه.
انطلقت أشغال هذه الندوة، بمحاضرتين افتتاحيتين، الأولى للسيد توفيق الجلاصي، المدير العام المساعد لليونسكو للاتصالات والمعلومات، والثانية للأستاذة أمل الفلاح السغروشني، عضوة المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، أبرزا من خلالهما مستوى التطور الذي يعرفه الذكاء الاصطناعي عبر العالم أو على مستوى حقوق الانسان وحرية التعبير، وكذا على مستوى الفرص التي يتيحها هذا المجال في تطوير مجموعة من الميادين الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية، ولا سيما في مجالات التربية والتكوين والبحث العلمي، كما استحضرا كل ما يتعلق بالمعطيات الخاصة بالجوانب القانونية والأخلاقية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي وما يتيحه من فرص على مستويات عدة.
وبعد تقديم مختلف العروض المبرمجة في هذه الندوة، والتي انتظمت في ثلاث جلسات موضوعاتية، تناولت مفهوم الذكاء الاصطناعي، والضوابط والأخلاقيات المؤطرة له، وكذا كيفية دمجه في منظومة التربية والتكوين، خلصت أشغال الندوة إلى التوصيات التالية:
- دعوة المجلس -باعتباره مؤسسة دستورية استشارية- إلى إيلاء موضوع الذكاء الاصطناعي أهمية قصوى، وتعميق النقاش حول قضاياه المرتبطة بمجال التربية والتكوين والبحث العلمي والابتكار؛
- الاهتمام بموضوع الذكاء الاصطناعي، ليس كلحظة عابرة، وإنما كضرورة لإحداث ثورة تكنولوجية اجتماعية ومجتمعية في المغرب وفي العالم؛
- اعتبار الذكاء الاصطناعي آلية أساسية ومكملة لعمل المدرسين والأساتذة وأداة لتطوير سبل التعلمات؛
- اعتبار التكنولوجيا التي يوفرها الذكاء الاصطناعي مدخلا لبناء المدرسة المغربية الجديدة، سواء على مستوى المناهج والبرامج أو على مستوى الحكامة أو على مستوى بيئة المؤسسات التربوية؛ وكذا خلق تخصصات مهنية جديدة، ما يجعله آلية مبتكرة لتطوير مهارات الأساتذة وطرق وأساليب اشتغالهم؛
- إحداث صندوق خاص، لتمويل الاستراتيجية الإفريقية في مجال الإدماج والاستعمال الأمثل للذكاء الاصطناعي لا سيما في ميدان التربية والتكوين والبحث العلمي.
- تشجيع البحث العلمي في مجال الذكاء الاصطناعي، وجعله رافعة لإيجاد مجموعة من الحلول الخاصة بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي والابتكار، وموضوعا للبحث في المراكز المتخصصة في هذا المجال؛
- تعزيز ودعم الاستراتيجية الإفريقية في مجال الإدماج والاستعمال الأمثل للذكاء الاصطناعي، لا سيما في ميدان التربية والتكوين والبحث العلمي.
كما أكد المشاركون على ضرورة أن تواكب هذه التوصيات، مجموعة من الآليات القانونية والأخلاقية، لضبط استعمالات الذكاء الاصطناعي بالمغرب، وذلك: اعتبارا لكون القوانين الجاري بها العمل والخاصة بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي وحماية المستهلك وحماية الملكية الصناعية والفكرية وغيرها، تشكل أرضية مرجعية لتنظيم التعامل مع الذكاء الاصطناعي، وهي في مضمونها تتماشى مع التوصيات التي أصدرتها منظمة اليونيسكو والتي تهدف من خلالها إلى حماية حقوق الانسان والحريات العامة. وأيضا، انطلاقا من أن موضوع الذكاء الاصطناعي يهم التحول التكنولوجي في العالم وما يطرحه من تحديات على مستوى دول الجنوب، بحيث من الضروري أن تتظافر جهود هذه الدول، خاصة على مستوى دول القارة الافريقية من أجل التعاون لخلق إطار مؤسساتي لتنظيم العمل المشترك وتطوير الفضاء الافريقي في مجال الذكاء الاصطناعي.