باسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
السادة الوزراء المحترمون،
السيدات والسادة أعضاء المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي،
اسمحوا لي بداية أن أعبر باسمكم جميعا، عن بالغ سعادتنا واعتزازنا وفخرنا بالإنجاز الكروي التاريخي لفريقنا الوطني، بتأهله عن جدارة واستحقاق لنصف نهاية كأس العالم 2022 والتي تجري بقطر الشقيقة، مقدما بذلك صورة مشرقة ومشرفة للمغرب والمغاربة قاطبة في مجموع تراب الوطن وخارجه.
وبهذه المناسبة التاريخية والأولى من نوعها، في تاريخ كرة القدم العربية والأفريقية نتقدم بالتهنئة الحارة، والشكر الجزيل، لكل مكونات المنتخب المغربي، ولصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله وأيده، وللشعب المغربي الذي قدم لوحات إنسانية راقية وروح رياضية عالية ووطنية صادقة و راسخة، وكلنا أمل كبير وقوي في أن تستمر مسيرة التألق والفوز، والوصول إلى المباراة النهائية لنصنع مجدا جديدا للكرة المغربية والعربية والإفريقية.
حضرات السيدات والسادة
أيها الحضور الكرام
أود في مستهل هذه الكلمة، أن أرحب بكم جميعا، وأن أهنئ كل واحدة وواحد منكم باسمه وصفته الاعتبارية، على تعيينكم أعضاء في هذه المؤسسة الدستورية، وبالخصوص على الثقة التي حظيتم بها من أجل تمثيل مختلف مكونات منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي ومجموع شركاء هذا القطاع الوطني الكبير.
إن لحظة تعيينكم أعضاء في المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، تشكل منطلقا جديدا لأفق جديد لعمل هذه المؤسسة الدستورية، التي أحدثت بالأساس للمواكبة اليقِظة لإصلاح المنظومة التربوية المتواتر، بنفَسٍ تعاوني وثيق، وللاستمرار الأكيد في التفعيل الأمثل لمهام هذا المجلس، وذلك عبر إبداء آرائه حول السياسات العمومية والقضايا الوطنية التي تهم التربية والتكوين والبحث العلمي، وتقييم السياسات والبرامج العمومية، وتقديم كل توصية أو اقتراح كفيل بالإسهام في النهوض بالمدرسة المغربية وتعزيز ثقة الجميع فيها.
وفي أفق دعوة صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، إلى الانكباب الجاد على منظومة التربية والتعليم، ووضعها في صدارة الأسبقيات الوطنية. لا فقط بالنسبة إلى ضمان حق الولوج العادل والمنصف، القائم على المساواة لجميع المواطنين، وإنما كما أكد جلالته ” يتعين أن تخولهم أيضا الحق في الاستفادة من تعليم موفور الجدوى والجاذبية، وملائم للحياة التي تنتظرهم، بما يقتضيه الأمر من شراكة ومسؤولية، وتثمين أدوار المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، في إنجاح هذا التحول الجوهري والمصيري، ليس بالنسبة لمستقبل الناشئة فحسب، بل ولمستقبل المغرب بلدا وأمة”، (من خطاب جلالته بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب سنة 2012).
والواقع أن خطاب جلالة الملك محمد السادس الموجه إلى القمة السادسة للاتحاد الأوروبي والاتحاد الافريقي، يوم الجمعة 18 فبراير 2022، مناسبة للتأكيد على أهمية التعليم في القارة الإفريقية وأولوية ضمانه، والتركيز عليه، وذلك للنهوض بأوضاع هذه القارة، واعتباره رهانا أساسيا حتى بالنسبة للشراكة بين الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي. مذكرا جلالته بأن 94% من تلاميذ العالم عانوا من إغلاق مؤسساتهم التعليمية في ذروة جائحة كوفيد 19. وهوما يفرض علينا تأمين استمرارية التعليم، مع مراعاة السياق الجديد للتحول الرقمي في قطاع التعليم. وواضح أن هذا المطلب العام يكتسي أهمية حيوية في إفريقيا التي تمثل فيها الأجيال الجديدة دون سن العشرين نسبة 50% من مجموع سكانها.
وهذا دون إغفال الحيز المهم الذي أفرزته توجيهات صاحب الجلالة، بأن تكون مسألة الارتقاء بالتربية والتعليم في صلب النموذج التنموي الجديد، داعيا جلالته إلى تقديم أشياء ملموسة للشباب في التعليم، تفتح أمامھم باب الثقة والأمل في المستقبل.
حضرات السيدات والسادة الأعضاء،
عطفا على كل الخطب والتوجيهات الملكية السامية اسمحوا لي أن أتقاسم معكم، في هذه اللحظة الخاصة لانطلاق الولاية الثانية للمجلس، الانشغالات والتوجيهات الملكية السامية، التي حملني إياها صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، عند تفضل جلالته باستقبالي وتشريفي بتعييني على رأس هذه المؤسسة الدستورية الموقرة.
فقد، أكد العاهل الكريم على ضرورة ” التفعيل الأمثل للمهام التي أوكلها الدستور لهذه المؤسسة”:
كما أكد جلالته على أهمية التنسيق بين المجلس والقطاعات الحكومية والمؤسسات المعنية ملحا على ضرورة مواكبة المجلس لأوراش إصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، باعتباره مؤسسة استشارية، تقدم آراء استشارية واقتراحية تستقيها من التقارير والتقييمات والدراسات التي تقوم بها في إطار الاختصاصات المخولة لها بموجب الدستور والقانون، مستثمرة خزَّان المعرفة العميقة التي راكمتها خلال المرحلة الفارطة، ومعبئة الخبرات الوطنية الوازنة من أعضائها وكفاءاتها وخبرائها الوازنين.
وألح جلالته على ضرورة الاشتغال المستمر والمنتج للمجلس، في كل مجالات اختصاصه، “من أجل تحقيق أهداف الإصلاح الرئيسية من ارتقاء بجودة التعليم في جميع المستويات، ومن تحقيق للمساواة وتكافؤ الفرص، ومن إتقان اللغات الأجنبية، ومن تشجيع البحث العلمي، بما يساهم في تأهيل الرأسمال البشري الوطني، وتسهيل اندماج الأجيال الحاضرة والقادمة في دينامية التنمية التي تعرفها البلاد”.
ومن هنا، لا بد أن كل واحدة وكل واحد منا، يستشعر، في هذه اللحظة، حجم الرهانات التي يعقدها صاحب الجلالة، نصره الله على مجلسنا، وحجم انتظارات مجتمعنا للنهوض بالمدرسة المغربية والارتقاء بمنظومتنا التربوية. ويُدرك مدى جسامة هذه المهام، وما تستلزمه:
- من كشف المكتسبات ومكامن العجز وتحديد التحديات التي يجب رفعها لتحسين جودة التربية والتكوين في المستقبل وعلى رـأسها الانفتاح على اللغات الإنسانية بكل آفاقها الكونية ومدخراتها الحضارية والثقافية، وذلك في أفق الرهان الوطني الدائم على الانفتاح على الآخر، وتقوية سبل الحوار والتعاون الدولي.
- وكذا من جهد لإرساء النقاش الديمقراطي المفتوح ودمج المقاربة التشاركية من أجل تقوية الانخراط في الإصلاح وتحفيز التعبئة حول عوامل إنجاحها؛
- ومن تجرد من الأنانيات القطاعية، والانغلاق السياسي أو الذاتي، والانتصار لقيم الحوار والتوافق والعقلانية، وإلى الحس الجماعي لمعالجة قضايا المدرسة المغربية وإعطائها الأولوية في حواراتنا ونقاشاتنا آخذين بعين الاعتبار أننا نتحمل مسؤوليات تاريخية وأخلاقية ونؤدي واجبا تربويا وعلميا وفكريا وثقافيا وتقنيا بالأساس، ولسنا في معرض المنافسة أو التسابق السياسي أو الإيديولوجي أو الاجتماعي. بل نحن هنا – معا سويا – لنتحاور، ولنتكامل، ولننصت لبعضنا البعض، ولنبلور الأفكار والمقترحات والتوصيات بروح جماعية، وبحس وطني، وروح خلاقة.
- ومن احتكام إلى التفكير المتبصر، والتضامن الفكري، والجرأة في التحليل والاقتراح، وإقامة المسافة الاستراتيجية الضرورية التي تمكننا من الاهتمام بالرهانات والاختيارات الكبرى ذات القيمة المضافة بالنسبة للمنظومة؛
- ومن انفتاح على الرأي الآخر، وعدم حصر التفكير في المسائل التربوية، والاستناد إلى المقاربة المقارِنة بين أنظمة تربوية دولية نموذجية ذات قيمة مرجعية.
وضمن هذا الإطار المرجعي، فإنه ليس لدي أدنى شك في أنه بمقدورنا تحقيق كل هذه الغايات والتوجيهات، لاسيما بفضل تركيبة مجلسنا، التي تجعله زاخرا بصفوة من الخبراء والفاعلين في الحقل التربوي بالخصوص، والمجتمعي عموما، مما يجعله فضاء أمثل للنقاش الكفيل بإذكاء التفكير العلمي والاستراتيجي في القضايا التي تدخل في نطاق مهامه.
حضرات السيدات والسادة الأعضاء،
إذا كان هذا اللقاء بمثابة لقاء افتتاحي للاستقبال والتعارف، والانطلاق المتجدد فإنه، بدون شك، يحمل دلالات أبرزها أن هذه الولاية، التي نستهل مسارها اليوم، ليست بمعزل عن تاريخها، وعن سياقها، إذ لا تنطلق من نقطة الصفر، وإنما هي ولاية تندرج في أفق من الاستمرارية والتراكم الخلاق.
ولا بد هنا، من أن أغتنم هذه المناسبة لأستحضر معكم الجهود والأعمال الجليلة التي قام بها أعضاء المجلس خلال الولاية السابقة، برئاسة الأستاذ سي عمر عزيمان، الرئيس السابق للمجلس، ومستشار صاحب الجلالة، الذي كان له الفضل الملموس في وضع أسس هذه المؤسسة الدستورية في صيغتها المعدلة في أعقاب اعتماد دستور المملكة سنة 2011، وإرساء هياكلها ومستلزمات اشتغالها، وتبني مقاربات متجددة ومبتكرة لاشتغالها، وإنتاج مجموعة وافرة من التقارير والدراسات والتقييمات والآراء التي ساهمت بشكل كبير في بلورة رؤية متواصلة، منفتحة ومتفاعلة مع تطورات مجتمعنا، ومنجزات الفكر المعاصر والاجتهادات العلمية والنظرية والتكنولوجية في العالم.
ومن دون شك، فإن إصدار الرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015-2030، وإعداد القانون-الإطار لمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، الأول من نوعه في تاريخ منظومتنا التربوية، يشكلان أساسا ومنطلقا لمرحلة جديدة لمنظومتنا التربوية، مما كان له تأثير في الدفع بإصلاح المدرسة المغربية نحو الأمام.
كما أن التقارير التقييمية التي أنجزتها الهيأة الوطنية للتقييم لدى المجلس، كان لها – من دون شك – وقع مؤثر جدا في التعامل مع مجموعة من القضايا التربوية على الصعيد الوطني، وشكلت منطلقا جديدا لنشر ثقافة التقييم في منظومتنا التربوية، مفادها ضرورة الاستناد إلى أعمال تقييم موضوعية، وإلى أعمال تحليلية علمية ومنسجمة مع المعايير المتعارَف عليها دوليا في هذا المجال، وذلك من أجل إغناء آراء وتوصيات المجلس، ومواكبة بلورة مشاريع الإصلاح وتتبعها. ومن أهم منجزات الهيأة، إضافة إلى التقارير والدراسات الموضوعاتية والقطاعية؛ بناء وتوطيد برامج تقييم متعددة السنوات، تعتبر بمثابة باروميتر حقيقي لتقييم السياسات العمومية التربوية، وتتبع الإصلاحات القائمة، ومواكبة المجهود المبذول في تطبيق المقترحات الواردة في الرؤية الاستراتيجية والمقتضيات المتضمنة في القانون-الإطار 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي. وأخص بالذكر “البرنامج الوطني لتقييم المكتسبات-PNEA-، “إطار الأداء لتتبع الرؤية الاستراتيجية في أفق 2030″، و”البحث المتعلق بإدماج خريجي التعليم العالي”.
وفضلا عن ذلك، شكلت الآراء والدراسات التي قام بها المجلس خلال ولايته الأولى رصيدا للمعرفة العميقة لجملة من قضايا منظومتنا التربوية، وبمستلزمات إصلاحها.
كما أتاحت أشغال المجلس، وإصداراته المتعددة والغنية، فرصة لتقوية الانشغال المجتمعي بورش إصلاح المدرسة المغربية، وإثراء النقاش العمومي حول مختلف قضاياها وآفاقها.
من ثم، نستحضر إسهام المجلس خلال ولايته الأولى في وضع الأسس المتينة لانطلاق الإصلاح وتحديد مرتكزاته، لا يسعني إلا أن أعبر، أصالة عن نفسي و نيابة عنكم جميعا، بصفتكم أعضاء جددا للمجلس، عن امتناننا العميق وتقديرنا غير المحدود لما قدمه أعضاء المجلس السابقون، برئاسة الأستاذ الجليل سي عمر عزيمان، وبمؤازرة الأستاذة الدكتورة رحمة بورقية، مديرة الهيأة الوطنية للتقييم التابعة للمجلس، من إنجازات لها قيمة مرجعية في مسار تنمية المنظومة الوطنية للتربية والتكوين والبحث العلمي، ولذا يطيب لي أن أتقدم إليهما معا بعبارات الشكر والتقدير على مجهوداتهما الكبيرة وعطائهما المتفاني، ولترجيحهما التفكير الجماعي، الهادئ والبناء والمثمر.
حضرات السيدات والسادة الأعضاء،
بما أن مجلسنا له مهام استشارية في أفق من التفكير الاستراتيجي، ويشكل فضاء لتعبئة الخبرات بفضل تركيبته المتنوعة، ويقوم بمهام اقتراحية في كل ما يهم المنظومة التربوية، ومهام تقييمية لرصد تطور المنظومة عن كثب، إضافة إلى كونه آلية لحفز التعبئة المجتمعية حول المدرسة المغربية، فإن أشغاله تنبع من قلب مهامه ووظائفه ومسؤولياته، وتصب في اتجاه مواكبة مؤسسات هيئات الدولة المتدخلة من قريب أو بعيد في قضايا التربية والتكوين والبحث العلمي.
إن المجلس، انطلاقا من مهامه الاستشارية، التي تحددها أحكام الفصل 168 من الدستور والمادة 2 من القانون رقم 105.12 المنظم للمجلس، يولي كل الأهمية للعمل بتنسيق محكم وتعاون متواصل مع الحكومة والبرلمان، من أجل مواكبة سيرورة الإصلاح، ومد القطاعات الوزارية بآراء المجلس والدراسات والتقييمات اللازمة للمساهمة الفاعلة والفعالة في هذا الورش المصيري للبلاد.
ونظرا لسياق مرحلة تفعيل إصلاح المنظومة، أود أن أؤكد على التزام المجلس من أجل الاستمرار في الاستجابة الفورية لطلبات الرأي حول القضايا الجوهرية للمنظومة التربوية، وتدارس وإبداء الرأي في النصوص القانونية التي ستحيلها عليه الحكومة أو البرلمان، والإسهام في إرساء المقومات التشريعية والنصوص الناظمة لسير وعمل المنظومة بمكوناتها المختلفة.
وعلي أن أشهد أن روح التنسيق والتكامل هذه، إذا أردنا استحضار مكتسباتها، هي التي أثمرت خلال الولاية السابقة تفاعلا جد إيجابي للمجلس مع المؤسسات الدستورية، وأتاحت استجابة فعالة لطلبات الرأي الواردة عليه؛ إذ تَمكَّن من إصدار عشرة آراء استشارية لفائدة الحكومة، إسهاما منه في إعطاء أجوبة فعلية إزاء القضايا التي أثارتها طلبات الرأي، فضلا عن عدد من الآراء الاقتراحية والتقارير التقييمية التي بادر بإفادة القطاعات المعنية بها في إطار التنسيق الموصول، ومواكبة المنظومة.
إن مهام المجلس تَنشُد، بهذا المعنى، روح التكامل مع مهام المؤسسات الدستورية الأخرى، في إطار من التعاون والتشاور المستمر، وفي احترام متبادل لاختصاصات كل طرف، درءاً لأي تداخل أو تعارض؛ وهذا ما يعطي معنى وروحا إيجابية للمواكبة المرغوبة لإصلاح المنظومة، ويرفع من منسوب التنسيق مع القطاعات الحكومية والمؤسسات المعنية بقضايا المدرسة المغربية، إلى مستوى متعدد الأبعاد: بُعد التقاسم، وبُعد التعاون الباني، وبُعد التكامل، وبُعد النجاعة. كل ذلك، يضع نصب عينيه، مصلحة المدرسة المغربية، ومصلحة التلميذ المغربي بالدرجة الأولى.
وإننا لمدعُوُّون اليوم، عملا بتوجيهات جلالة الملك، إلى تقوية التنسيق والتعاون مع القطاعات الحكومية والمؤسسات المعنية، وفتح آفاق أرحب لهذا التعاون وهذا التنسيق على مختلف الواجهات، وبمختلف الوسائل والآليات الممكنة. حافزنا المشترك، هو العمل الجماعي من أجل الارتقاء بالمنظومة التربوية كل من موقعه، وزاوية اشتغاله، ورؤيته، وأساليبه الخاصة، لكن ضمن روح موسومة بوحدة الهدف المركزي: بناء مدرسة مغربية جديرة بعصرها.
وذلك ما يقتضي التمسك بالمكاسب وترصيد المنجز الإيجابي واعتماد منهجية تنتصر لقيم الحوار والتوافق والتنسيق والتكامل مع مجموع المكونات والمؤسسات ذات الصلة، وذلك عملا بتوجيهات صاحب الجلالة والاسترشاد بنهجه السديد في مجموع القضايا الوطنية الكبرى. وكدا التفكير في الانفتاح على جهات المملكة الاثنتي عشرة لكي نقترب أكثر من تجليات ومظاهر مغربنا الغني بتعدده الثقافي واللغوي والاجتماعي، والإنصات لمختلف التجارب والآراء والملاحظات والمقترحات العملية والواقعية.
حضرات السيدات والسادة الأعضاء،
إن جلستنا اليوم بداية لسيرورة ستمتد على مدى خمس سنوات مقبلة من عمل المجلس إن شاء الله، والذي ستكون، بكل تأكيد، بنَفَس التجديد، والمزيد من الابتكار في أساليب العمل ونسق التفكير والإنتاج، واضعين نصب أعيننا التوجيهات الملكية السامية، قصد التفعيل الأمثل للمهام التي أوكلها الدستور لمجلسنا الموقر، ووضع خريطة وأفق واضحين، ضمن منظور ومضمون التوجهات الحالية للإصلاح والمقاربات المعتمدة، وتتويج عمل المجلس بتوصيات كفيلة بإصلاح منظومة التربية والتعليم، والإسهام بالتالي في الارتقاء بالمدرسة المغربية، وتأهيل الرأسمال البشري الوطني وتَـيسِـير اندماج الأجيال الحاضرة والقادمة في دينامية التنمية التي تشهدها بلادنا.
وفقنا الله جميعا لما فيه خير بلادنا وأمتنا ونظامنا العلمي والتربوي تحت القيادة الرشيدة والمتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله آملين بحول الله أن نكون في مستوى الانتظارات، وأن نرقى إلى مستوى ما يتوقعه منا العاهل الكريم، وما يمليه علينا واجبنا الوطني وأخلاق المسؤولية التي نعتز بها.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.