حضرات السيدات والسادة أعضاء المجلس،
اسمحوا لي، في مستهل أشغال دورتنا الثانية عشرة، أن أرحب بكم جميعا، وأن أرحب نيابة عنكم بالسادة الوزراء الجدد المكلفين بقطاعات التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، وفي مقدمتهم السيد محمد حصاد، معبرين عن تهانينا ومتمنياتنا لهم بالتوفيق والنجاح في هذه المرحلة المفصلية الدقيقة.
وأنتهز هذه المناسبة أيضا لأتوجه بالشكر الجزيل للوزراء السابقين: السيد رشيد بن المختار بن عبد الله، والسيد لحسن الداودي، والسيد خالد البرجاوي، والسيدة جميلة المصلي، على ما أسهموا به من أعمال كأعضاء سابقين بالمجلس، وعلى الدعم الكبير الذي قدموه لمؤسستنا، كوزراء.
كما لا يمكن أن تفوت هذه الفرصة، دون أن نستحضر جميعا، بكل تأثر، ذكرى فقيدنا العزيز الأستاذ إدريس أبو تاج الدين، ودون أن نترحم جميعا على روحه الطاهرة.
حضرات السيدات والسادة،
يصادف انعقاد هذه الدورة حلول الذكرى الثالثة لحفل تنصيب مجلسنا من قبل جلالة الملك بالقصر الملكي بالدار البيضاء، وهو الحفل الذي التزمنا خلاله بالعمل بكل حزم من أجل الإسهام في إصلاح المدرسة المغربية.
ويمكننا، بعد انصرام ثلاث سنوات أن نؤكد أننا، بفضل العمل الجماعي والمنهجية التشاركية ساهمنا بكيفية وازنة في الورش الهادف إلى الارتقاء بالمدرسة، إلى درجة أننا بدأنا في جني الثمار الأولى، كما يعترف بذلك الجميع وطنيا ودوليا.
في نفس الاتجاه، من حقنا تهنئة أنفسنا على النتائج المشجعة التي شرعنا في تحقيقها تدريجيا يوما بعد يوم، ولاسيما ما يتعلق بإنجاز الدراسات والتقييمات، حيث أضحى من المعتاد أن تشمل محاور جدول أعمال دورات جمعيتنا العامة المشاريع التي ينجزها المجلس وهيئاته. وهي الأعمال التي تندرج دوما في تعميق الدراسة والاستشراف حول القضايا المحورية لرؤية 2015-2030.
هذه الدينامية تشكل مؤشرا دالاّ على حيـــــــــــوية الهيئات التي يوكل إليها إنجاز هذه الأعمال، وهو ما ينطبق على المشروعين المدرجين في جدول أعمال هذه الدورة، اللذين ستقدمهما كل من اللجنة الدائمة الخاصة بالتربية والتكوين للجميع والولوجية، والهيئة الوطنية للتقييم.
بهذه المناسبة، أود أن أحيي الجهود الوازنة التي ما فتأت تبذلها هذه اللجنة، والجهود المتواصلة التي تقوم بها الهيئة الوطنية للتقييم، وأطر البنيات التقنية.
ومع أهمية هذه المؤشرات، ينبغي ألا يغيب عنا أن الإصلاح لم يحدث بعد الأثر المتوخى على أرض الواقع، وبأننا ما زلنا نشتغل في سياق يطبعه الشك تجاه أداء المدرسة المغربية، مما يستدعي منا مضاعفة الجهود فيما يخص تعميق التفكير، والرصد اليقظ، والتتبع الدائم المنتظم والاقتراح والتقييم، وذلك في انسجام تام مع أهداف الرؤية الاستراتيجية، وفي تجاوب مع انتظارات المجتمع وتطلعات الشباب.
وحتى نتمكن من مواصلة التقدم في هذا النهج، وبلادنا على مشارف تحقيق قفزة نوعية أخرى في مسار الإصلاح التربوي تتمثل في اعتماد قانون-إطار يخص هذا الإصلاح، علينا أن نضاعف جهودنا في الاضطلاع الأمثل بالمهام الموكولة لمجلسنا مع التركيز من الآن على اتجاهين مترابطين:
- أولا، توطيد وتطوير أحد الاختيارات الاستراتيجية التي كرسها مجلسنا منذ البداية، متمثلا في الانفتاح والحوار المستمر والتشاور الموصول، سواء داخل المجلس أو مع باقي الفاعلين؛
- ثانيا، تعزيز وتقوية التنسيق والتعاون مع كل الفاعلين، وعلى الخصوص المؤسساتيين منهم، بما يمكن تقييماتنا ومقترحاتنا وتوصياتنا من اعتماد معطيات وإحصائيات موضوعية دقيقة، وموثوقة ومحينة، وبما يتيح لنا الولوج السلس للمعلومات ومعرفة الحقائق، في إلتزام بما يقتضيه هذا التعاون من مسؤولية وواجبات،
هذا التعاون الذي نطمح إلى ترسيخه مع شركائنا، في احترام تام ومتبادل للموقع الدستوري لكل طرف، يسعى إلى وضع الاختيارات الأساسية للإصلاح التربوي المتفق عليها، ضمن أولويات الاشتغال، وإلى تعميقها وملاءمتها مع التطورات، بغية توفير الظروف المثلى للتطبيق الأنجع لأعمالنا الهادفة إلى إنجاح الإصلاح.
وإنني على أتم الاقتناع بأن تحقيق هدف إرساء مدرسة منصفة، جذابة وعالية الأداء، يستدعي اشتغالنا على نحو مشترك، بدء بالشركاء الاستراتيجيين، لأننا كلما كنا متحدين في الاختيارات والأفكار والمبادئ والقيم، كلما كنا أقوى، بشكل يتيح التغلب على الصعاب، مهما كان حجمها، ويمكن من رفع سقف إنجازاتنا وطموحاتنا.
بهذه الروح إذن؛ روح التبادل المنتظم والتعاون المتواصل، اتفقت مع السيد وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي على افتتاح أشغال هذه الدورة الثانية عشرة بعرض حول المحاور الكبرى لبرنامج عمل هذه الوزارة، الذي يندرج في إطار تفعيل الإصلاح وتأهيل المدرسة المغربية.
وفق نفس المنظور، عملنا مؤخرا على عقد الاجتماع الثاني للجنة التوجيهية، طبقا لمقتضيات الاتفاقية-الإطار الموقعة بين المجلس والقطاعات الحكومية المكلفة بالتربية والتكوين والبحث العلمي. وخلال هذا الاجتماع حرصنا جميعا على إعطاء نفس جديد لهذه الهيئة، من خلال الانكباب على أعمال ملموسة ومستهدفة أكثر، خصوصا قواعد المعطيات الإحصائية، وآليات تتبع تطبيق الإصلاحات، وبرامج التقييم (PNEA/PISA)، والأنشطة الرامية إلى تعبئة الفاعلين، إلى جانب آليات تتبع مآل الآراء التي يدلي بها المجلس ونتائج التقييم التي ينجزها. وكل هذه القضايا تثبت بأننا نضع أسس التعاون المستدام كما نضع طموحاتنا في أعلى مستوى، وذلك في حرص تام على احترام صلاحيات واختصاصات كل طرف ونطاق مسؤولياته، وفي مراعاة دائمة لمصلحة المدرسة ومصلحة الأمة.
في هذا الإطار، وتعزيزا لمجالات الشراكة المؤسساتية، تتواصل الأعمال التحضيرية التي ستفضي إلى بلورة مشروع اتفاقية خاصة بمنظومة المعلومات والمعطيات والوثائق، سيتم تدارسها تمهيدا للتوقيع عليها من قبل المجلس والقطاعات الوزارية المكلفة بالتربية والبحث العلمي والتعليم العتيق. وهي اتفاقية ستجسد، من جديد، إرادتنا المشتركة واقتناعنا المتقاسم بالأهمية الحاسمة لتعاون أقوى وأكثر تنظيما واستدامة.
حضرات السيدات والسادة،
في ختام هذه الكلمة، أود أن أذكركم بالمواضيع المدرجة في جدول أعمال هذه الدورة، وهي كما يلي:
أولا: الاستماع إلى عرض السيد وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي حول: ” برنامج عمل الوزارة لتطبيق الإصلاح التربوي”، وإلى تدخلي كل من السيد كاتب الدولة المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي، والسيد كاتب الدولة المكلف بالتكوين المهني.
ثانيا: تدارس مشروع الرأي الذي أعدته اللجنة الدائمة للتربية والتكوين للجميع والولوجية في موضوع التعليم الأولي.
ثالثا: عرض تقريرين موضوعاتيين أنجزتهما الهيئة الوطنية للتقييم، يهم الأول موضوع الكليات متعددة التخصصات، فيما يهم الثاني موضوع سلك الدكتوراه.
رابعا: تدارس مشروع التقرير السنوي عن حصيلة وآفاق عمل المجلس برسم سنة 2016 طبقا لمقتضيات القانون 105-12 المتعلق بالمجلس، وهو التقرير الذي أعدته اللجنة المؤقتة التي تم إحداثها في شهر فبراير الأخير.
خامسا: تقديم عرض مركز عن مشروع اللقاءات الجهوية التي يعتزم المجلس تنظيمها بعد الدخول المدرسي والجامعي المقبل.
تجدر الإشارة إلى أن مشروع التقرير المتعلق بالمهن التربوية الذي كان مدرجا في جدول أعمال هذه الدورة قد تم تأجيله، إلى دورة لاحقة، باتفاق مشترك بين مكتب المجلس واللجنة الدائمة للمهن، حتى يتأتى تعميق وتدقيق بعض جوانبه لتكون تشخيصاته وتوصياته الاستشرافية في مستوى الأولوية التي يخص بها مجلسنا الارتقاء بمهن الفاعلين التربويين في تحقيق الجودة وإنجاح الإصلاح.
وشكرا على حسن إصغائكم واهتمامكم.