باسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
السيد مدير الوكالة الوطنية لمحو الأمية
السيدات والسادة ممثلو منظمة اليونيسكو
السيدات والسادة ممثلو الاتحاد الأوروبي
الحضور الكريم
يسعدني أن أتواجد معكم اليوم في هذا اللقاء من أجل مناقشة موضوع “معهد التكوين في مهن محاربة الأمية: أولوية استراتيجية من أجل تحسين جودة التعلمات”، وفي بادئ الأمر لا بد لي من التنويه بمبادرة الوكالة الوطنية لمحو الأمية لإنشاء هذا المعهد، بشراكة مع اليونيسكو وبدعم من الاتحاد الأوربي؛ لما يكتسيه هذا المشروع من أهمية استراتيجية لبلادنا على مستوى تحقيق التنمية المستدامة والتقدم الاقتصادي والاجتماعي.
إن هذه المبادرة، ستعزز بشكل أساسي القدرة على ولوج سوق العمل ، والرفع من مستوى الإنتاجية والدخل الشخصي، والإسهام في نمو الاقتصاد الوطني ، كما أنها ستسهم في تقليل الفجوات المجتمعية بين مختلف شرائح المجتمع، وهو ما يعزز ثقافة المساواة بين المواطنين وامتلاكهم القدرة على التفكير النقدي والإبداعي، ويدعم الابتكار ويساهم في إيجاد حلول للتحديات المختلفة، وطموحنا جميعا هو تجويد مهن محاربة الأمية وتعزيز حكامتها وجودتها، وهو ما يعمل المعهد على تحقيقه من خلال إرساء هندسة ملائمة للتكوين في أربعة مهن، وهي “مدبر التكوين” و”مكون محاربة الأمية” و”مكون المكونين” و”المؤطر”.
السيدات والسادة
إن موضوع محو الأمية ليس مجرد القدرة على القراءة والكتابة، بل هو أساس لبناء مجتمع متطور ومستدام. لهذا تبنت القطاعات الحكومية المختصة العديد من البرامج والمبادرات لتحقيق هذا الهدف، والتي كانت لها تأثيرات عميقة على مختلف جوانب الحياة في البلاد، حيث انخفضت نسبة الأمية ببلادنا .
السيدات والسادة،
إن معهد التكوين في مهن محاربة الأمية، سيمكن من تأطير عدد هام من المعنيين بالتأطير لتحقيق جودة التعلمات، وذلك تماشيا مع ما نصت عليه الرؤية الاستراتيجية في الرافعة الخامسة، والمتعلقة بتمكين المتعلمين من استدامة التعلم وبناء المشروع الشخصي والاندماج. وهي بشكل عام كالتالي:
- أولا: مواصلة الجهود المبذولة في تكييف العرض التكويني مع حاجات المستفيد، في أفق الإرساء الكلي لمقاربة نوعية تهم التقليص من النسبة العامة للأمية.
- ثانيا: نهج حكامة جيدة لهذا القطاع، و حل إشكالية التمويل، وتعزيز قدرات الكفاءات البشرية، والحرص على أن يكون للبحث العلمي إسهام في تطوير برامج و كفاءات لمحاربة الأمية.
- ثالثا: تنظيم برامج التربية غير النظامية وفق مديين زمنيين: مدى متوسط يهم جميع الأطفال الموجودين خارج المدرسة، ومدى متواصل ومنتظم يدرج هذه البرامج في العمل الاعتيادي للمدرسة.
- رابعا: توفير تأطير تربوي متخصص في برامج التربية غير النظامية.
- خامسا: ترشيد تدبير الخريطة المدرسية والاكتظاظ، واستغلال ما تتوفر عليه المؤسسات التعليمية من إمكانات وفضاءات في إنجاز برامج التربية غير النظامية
- سادسا: تجديد صيغ الإحتضان، والإستدراك، والشراكات، بموازاة تجديد العرض التربوي، بما يتلاءم وخصوصيات الفئات المستهدفة، و وضعيتها الاجتماعية.
كما أنه يأتي تفعيلا لمقتضيات القانون الإطار في مادتيه 23 و24 حيث ينص على أن: تعمل الحكومة بشراكة مع جميع الهيئات العامة والخاصة وفعاليات المجتمع المدني، على اتخاذ جميع التدابير اللازمة لمواصلة تنفيذ مخطط العمل الهادف إلى تقليص النسبة العامة للأمية؛ وتعبئة الموارد المالية اللازمة وتعزيز الشراكات والتعاون الثنائي والمتعدد الأطراف، وإعداد وتنفيذ برامج خاصة لمحو الأمية وتوسيع نطاق تطبيقها. وكذا وضع برامج خاصة وملائمة للتربية غير النظامية.
كما يستلزم من الحكومة وضع مشاريع خاصة، تهدف إلى تعزيز وتنمية قدرات الأشخاص المتحررين من الأمية قصد تمكينهم من الاندماج المهني والاقتصادي لضمان انخراطهم في الحياة العملية وعدم الارتداد إلى الأمية.
السيدات والسادة،
إن قضية محو الأمية هي عنصر جوهري في أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة وجدول أعمال الأمم المتحدة لسنة 2030 للتنمية المستدامة، وهي الأهداف التي التزم المغرب بها، والتي تؤكد ضرورة الحصول على تعليم جيد وفرص التعلم في أي المراحل العمرية. كما ينص الهدف الرابع على ضمان تعلم الشباب المهارات اللازمة في القراءة والكتابة والحساب، وإتاحة فرصة اكتسابها أمام البالغين ممن يفتقدون إليها.
ولقد كانت جائحة كوفيد 19 بمثابة محك حقيقي للوعي بالأهمية الحاسمة لموضوع محو الأمية، وضرورة القضاء عليها حيث أنه الا تقتصر على كونه لبنة من لبنات الحق في التعليم؛ نظراً إلى دوره في تمكين الأفراد وتحسين ظروف حياتهم، بل هو وسيلة للتواصل اليومية. إذ يُعتبر محو الأمية أيضاً بمثابة محرك للتنمية المستدامة، فضلاً عن كونه جزءاً متأصلاً في التعليم وشكلاً من أشكال التعلّم مدى الحياة المبنيّة على أساس الإنسانية والمساواة.
ولقد نظم المغرب المؤتمر الدولي السابع تحت شعار” تعلم الكبار من أجل التنمية المستدامة: أجندة تحويلية”، بشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، سنة 2022 بحضور الأطراف المعنية من العالم برمته، وذلك قصد تحديد مستقبل تعلم الكبار وتعليمهم، خلال العقد المقبل، والذي دعا فيه جلالة الملك في رسالته السامية إلى إنشاء المعهد الافريقي للتعلم مدى الحياة، مؤكدا جلالته أن هذه المبادرة ذات البعد الإفريقي، تهدف إلى تقوية التنسيق والتعاون جنوب – جنوب في مجال تعلم الكبار والتعلم مدى الحياة.
كما أكد جلالة الملك، في هذه الرسالة، أن احتضان المملكة المغربية لفعاليات هذا المؤتمر، “يكرس انخراطها الفعلي في ترسيخ مبدأ التعلم مدى الحياة”، مبرزا جلالته أن “هذا الالتزام تجسد على أرض الواقع، من خلال التحاق مدينتي شفشاون وبنجرير بالشبكة العالمية لمدن التعلم، وحصول المغرب على كرسي اليونسكو”.
وتنفيذا لتوجهاته السامية تم تأسيس المؤسسة الافريقية للتعلم مدى الحياة بحضور 39 دولة إفريقية، مما يعكس الاهتمام المتزايد بدور التعلم المستمر في تحقيق التنمية المستدامة في القارة الأفريقية، من أجل وضع سياسة واستراتيجية التعلم مدى الحياة وتحديد الأولويات الوطنية والافريقية في هذا المجال وترجمتها إلى خطط عمل على مستوى كل دولة، وضمان تنسيق تطوير التعلم مدى الحياة على المستوى الوطني، بالتشاور الوثيق مع الجهات الفاعلة والمسؤولة عن قطاعات التعليم والتكوين المهني والتعليم العالي ومحو الأمية بالخصوص.
وفي الختام إننا في المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، نثمن عاليا أدوار المعهد على مستوى مهننة مهن محاربة الأمية، وتجويد التكوينات في مجال مهن محاربة الأمية، والسعي لتجديد عدة التكوين في مهن محاربة الأمية. إضافة لجهوده على مستوى منصة التكوين المختلط الهادفة لإنماء الكفايات المهنية ذات الصلة، بما يعزز من إدماج تربية الراشدين في نسق التربية والتكوين ارتباطا بمبدأ التعلم مدى الحياة، ونحن واثقون أن تنظيمنا لهذا اللقاء هو فرصة للاطلاع على مراحل إحداث المعهد و مقاربته المنهجية في هندية التكوين .
أتمنى لأشغالنا كامل التوفيق والنجاح
وشكرا لحسن تتبعكم