باسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
السيد إبراهيم فال ولد محمد الأمين، رئيس المجلس الوطني للتهذيب،
السيدات والسادة
الحضور الكريم
يسعدني أن ألتقي بكم اليوم بمقر مجلسكم الموقر، وذلك في إطار زيارتي لبلدي الثاني.
وفي البداية، لا بد لي أن أذكر بعمق العلاقات التاريخية التي تجمع بين المملكة المغربية والجمهورية الموريتانية ، وما يطبعها من جدية وثقة واحترام متبادل، وهو ما يرجع لعدة عوامل تتجاوز الجوار الجغرافي، إلى سلاسة التعاملات الاقتصادية و التجارية، والانتماء العربي والإفريقي، و تقاسم نفس الرهانات و التحديات المستقبلية ، وهذا ما جعل و يجعل البلدين يشكلان دائما نموذجا للاحترام المتبادل والتنسيق المستمر، ومثالا يحتذى به في الساحة الإفريقية.
ولقد توجت هذه العلاقة بتوقيع 13 اتفاقية بين البلدين في مارس من سنة 2023 ، أثناء انعقاد الدورة الثامنة للجنة العليا المشتركة المغربية – الموريتانية بالعاصمة الرباط ؛ والتي شملت قطاعات عديدة، منها التكوين المهني والإسكان والأمن والقطاع الخاص وغيرها.
واستمرارا لهذه الدينامية، نظمت مؤخرا الدورة الثالثة للمنتدى الاقتصادي المغربي الموريتاني بنواكشوط؛ والتي تروم تعزيز الشراكة الاقتصادية، وخلق مشاريع استثمارية هامة للبلدين.
السيد الرئيس، السيدات والسادة.
يشكل هذا اللقاء بالنسبة لي أول مهمة خارج أرض الوطن، منذ تعيني في نونبر 2022 ، وهذا راجع من جهة إلى الدور المحوري الذي تلعبه الجمهورية الموريتانية في تعزيز التعاون جنوب – جنوب، وباعتبارها بوابة البلدان المطلة على المحيط الأطلسي من جهة أخرى، كما أعتبرها فرصة للإشادة بالأهمية التي أعطاها السيد رئيس الجمهورية محمد السي ولد الغزواني لحظة انتخابه رئيسا للاتحاد الافريقي لقضية التعليم؛ حين أشار خلال اختتام القمة الأفريقية السابعة والثلاثين، أن أولوياته داخل الاتحاد الأفريقي هي قضية التعليم، وإرساء منظومة تعليمية توفر نفاذا شاملا إلى تعليم وتكوين جيدين يلائمان القرن الواحد والعشرين.
وبهذه المناسبة، أود أن أؤكد لكم أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، ما فتئ خلال خطبه يؤكد على حرصه الدائم والمستمر على توفير تعليم جيد لجميع المغاربة، بكل شرائحهم وباختلاف أعمارهم؛ يضمن الانخراط في عالم المعرفة والتواصل، ويؤهل للحياة المهنية، ويساهم في الارتقاء الفردي والجماعي.
وهذا ما أكد عليه أيضا السيد رئيس الجمهورية الموريتانية أثناء تقديم تقريركم السنوي الأول له، حيث أكد على أن إصلاح التعليم خيار إستراتيجي للنهوض بالمنظومة التربوية وتكوين أجيال قادرة على رفع التحديات وكسب رهانات التنمية، داعيا مجلسكم الموقر إلى الانفتاح على الفاعلين في الحقل التربوي وتنمية الشراكة، والاستفادة من تجارب الهيئات المماثلة في الدول الأخرى، لبناء وتعزيز قدراته.
وإنني اليوم، أود أن أعبر لكم عن استعداد المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي لتعزيز علاقات التعاون مع المجلس الوطني للتهذيب، وتقاسم تجربتنا معكم؛ سواء في مجال مهمتنا الاستشارية أو التقييمية ، وكذا التنسيق الدائم على مستوى المنظومة التربوية؛ خصوصا أن الجمهورية الإسلامية الموريتانية الشقيقة تأتي في مقدمة الدول الإفريقية من حيث عدد الطلاب الموريتانيين الذين يتابعون دراستهم في المعاهد والجامعات المغربية، والذين يتجاوزون 3000 طالب وطالبة.
وإنني أعتبرها مناسبة كذلك للتعبير عن رغبة المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي في إطلاق شبكة إفريقية للمجالس العليا التربوية، بغية تقوية التعاون الدولي بين الدول الافريقية، ومواجهة قضايا تتجاوز الحدود الوطنية، وتروم تحقيق التنمية المستدامة عامة؛ وخاصة هدفها الرابع المتعلق بضمان تعليم جيد، وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة، وكذلك التعريف بالتجربة الهامة للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، والاستفادة من تجربته إفريقيا ودوليا، سواء من حيث طبيعة تركيبته أو من حيث طبيعة المهام الموكولة إليه. كما لا تفوتني الفرصة للتنويه بمبادرتكم المتعلقة بإحداث لجنة من أجل تتبع الوضع التعليمي وعلاقته بالتنمية، والذي نعتبره ركيزة أساسية لتقدم وازدهار كل الشعوب.
إن التعاون بين مؤسستينا من خلال الاتفاقية التي سنوقعها اليوم، يسعى إلى:
- تبادل الخبرات والمعرفة وتشجيع التبادل الثقافي والتقني بين مؤسستينا، سواء عبر أوراش عمل أو برامج التدريب ؛
- تطوير المناهج التعليمية، من خلال العمل المشترك على تطوير مناهج تعليمية متقدمة ومتكاملة، تلبي احتياجات سوق العمل، وتعزز التنمية المستدامة في البلدين ؛
- دعم البحث العلمي، من خلال تعزيز التعاون في مجال البحث بين الجامعات والمراكز البحثية، مع التركيز على المجالات ذات الأهمية الاستراتيجية مثل التكنولوجيا والابتكار؛
- تنظيم أنشطة مشتركة من أجل تقييم النظام التربوي؛
- دعم التكنولوجيا في التعليم، عبر تطوير وتبادل أفضل الممارسات في استخدام التكنولوجيا في التعليم ، مما يعزز التعلم عن بعد ويوفر فرصا أوسع للمتعلمين ؛
- تطوير برامج التعليم المهني والفني ، التي تلبي احتياجات سوق العمل في البلدين، مع التركيز على تطوير المهارات والكفاءات المطلوبة.
- وفي الأخير، لا يمكنني إلا أن أعبر لكم مجددا عن سعادتي بتواجدي معكم، متمنيا أن تكون زيارتنا هذه مفيدة، من أجل الدفع قدما بتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين ، وخاصة في مجال التربية والتكوين والبحث العلمي.
و السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته